شارك عدد من طاقم وادارة مدى "مدى الكرمل - المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة والتطبيقيّة" في المنتدى السنويّ لفلسطين - الدورة الثالثة، الذي نظّمه المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع مؤسَّسة الدراسات الفلسطينيّة، والذي عُقِد في الدوحة خلال الفترة 25-27 من كانون الثاني المنصرم (2025). يمثّل المنتدى رافدًا مهمًّا للبحث العلميّ بشأن فلسطين والقضايا العديدة المرتبطة بها، ويعزّز مركزيّة قضيّة فلسطين والاهتمام العربيّ والدوليّ بها، فهو يجمع المهتمّين بقضيّة فلسطين وسياقاتها الإقليميّة والعالميّة للالتقاء وتبادل وجهات النظر. أمّا في ما يخصّ هذه الدورة من المنتدى، فهي تخصّص مساحةً للأبحاث المتعلّقة بالعدوان الإسرائيليّ على غزّة وحرب الإبادة الجماعيّة الجارية، وتفاعلاتها المحلّيّة والإقليميّة والدوليّة، وما تطرحه من أسئلة ومقارَبات عن القانون الدوليّ وفاعليّته، والإبادة الجماعيّة والتطهير العرقيّ، والإبادة المكانيّة والثقافيّة، والتهجير القسريّ الداخليّ واللاجئين، وحركات المقاوَمة، وغيرها من المواضيع ذات الصلة التي تتعلّق بقِطاع غزّة عمومًا.
في الجلسة التي تناولت "القانون الدوليّ وحرب الإبادة الجماعيّة على غزّة"، قدّمت د. سونيا بولس مداخَلة بشأن ورقة قدّمتها بالشراكة مع الباحث خافيير أبو عيد حملت العنوان "القانون الدوليّ وإنهاء الاستعمار في فلسطين: الرأي الاستشاريّ بشأن عدم شرعيّة الاحتلال الإسرائيليّ"، زعمت بها أنّ الرأي الاستشاريّ الصادر عن محكمة العدل الدوليّة في حزيران /يونيو المنصرم (2024)، والذي أعلن أنّ الاحتلال الإسرائيليّ في مُجْمَله غير قانونيّ، يمكن اعتباره لحظةَ تحوُّل تَفْتح آفاقًا سياسيّة وقانونيّة جديدة لإنهاء الاستعمار في فلسطين، ويجب أن يُستغلّ لتوسيع مفهوم مكافحة الإفلات من العقاب في سياق استعمار فلسطين. وقد قدّم الباحث خالد عنبتاوي مداخلة حملت العنوان "من عتبة الوطن إلى مأزق المواطَنة: قراءة في حالة فلسطينيّي الـ 48 الراهنة وجدليّة الضبط والاحتواء" ضمن الجلسة التي تمحورت في موضوع "العرب الفلسطينيّون في إسرائيل وسؤال المواطَنة". قدّم عنبتاوي في المداخلة قراءة في حالة الفلسطينيّين في أراضي الـ 1948 وذلك من منظور ما يعتبره ترنُّحًا في أزمة وجدليّة من عتبة الوطن والمواطَنة؛ إذ يرى أنّ فعلهم السياسيّ الاجتماعيّ متولّد من هذه الجدليّة وما تفرضه من انعكاسات في شخصيّة وتكوين هذه الجماعة على المستويَيْن السياسيّ والاجتماعيّ.
وأمّا الجلسة التي تناولت "التحوُّلات في المجتمع والدولة في إسرائيل في ظلّ حرب الإبادة على قِطاع غزّة"، فقد شارك فيها عدد من أعضاء طاقم وإدارة "مدى الكرمل"؛ إذ قدّم د. مهنّد مصطفى مداخَلة حملت العنوان "العدوان على غزّة وصعود النزعة الميليشيويّة في إسرائيل"، زعم عبْرها أنّ العدوان على غزّة عمّق من النزعة الميليشيويّة في المجتمع الإسرائيليّ والثقافة الإسرائيليّة في الخطاب والممارسة الإسرائيليَّيْن. وقدّم د. امطانس شحادة مداخَلة حملت العنوان "كيف تَعامَلَ اليمين مع أحداث السابع من تشرين الأوّل /أكتوبر عام 2023؟"، ادّعى عبْرها أنّ أهداف إسرائيل لم تقتصر على الانتقام وتوجيه ضربات عسكريّة قاسية لحركة حماس، ومن خلال ذلك لجميع الفلسطينيّين فحسب، بل تعدّتها إلى الرغبة في إحلال تغييرات عميقة في تعامُل الحكومة الإسرائيليّة مع القضيّة الفلسطينيّة، في الضفّة الغربيّة وقِطاع غزّة. المحامي علاء محاجنة تناول - في مداخلة مشتركة مع د. مازن المصري التي جاءت بعنوان "الفلسطينيّون في إسرائيل في ظلّ حرب الإبادة وتعميق الإزالة الاستعماريّة: من الحقوق المشروطة إلى اللاحقوق"- النقلةَ الجديدة التي شهدناها منذ بداية الحرب في مكانة المواطنين الفلسطينيّين، والتي حدثت بفعل تغيير توجُّه الدولة إليهم واعتبارهم أعداء وصولًا إلى مرحلة أصبح فيها هامش الحقوق المدنيّة المشروطة محدودًا أو معدومًا.
يُوْلي مركز مدى الكرمل مشارَكة باحثِيهِ في منتدى فلسطين أهمّيّة كبيرة، بدايةً من منطلق اهتمام المركز بالتواصل الأكاديميّ المستمرّ وبالمشاركة الفعّالة في المنابر الأكاديميّة والسياسيّة والحقوقيّة المتعلّقة بفلسطين، وبخاصّة لكون هذه المنصّة الأكاديميّة هامّة من أجل طرح قضايا فلسطين عمومًا وفي ظلّ حرب الإبادة على وجه الخصوص. وفي هذا الصدد، تسهم مشارَكة مدى الكرمل في تسليط الضوء على واقع ودَوْر الفلسطينيّين داخل الخطّ الأخضر وكذلك في تقديم قراءة لإسرائيل ودَوْر مؤسَّساتها المختلفة في حرب الإبادة: الجيش، والتيّارات السياسيّة، والمنظومتَيْن التشريعيّة والقضائيّة.